الصدمة المفاجئة

نمر في حياتنا اليومية بالعديد من «الصدمات» المختلفة، سواء أكانت على الصعيد الشخصي أو العملي أو الإنساني، فقد تكون الصدمة في فقد شخص عزيز، أو شيء ثمين، أو في فشل في دراسة أو عمل، أو في فقدان علاقة صداقة، أو في اكتشاف خيانة أحد المقربين، أو في غيرها من المواقف الصعبة التي ربما قد تتسبب في أزمات نفسية عنيفة.
الصدمات هي حوادث ذات معنى شخصي تخرج الإنسان عن استقراره وتوازنه النفسي، وهي بذلك تختلف من شخص لآخر، فما قد يكون صادماً لي قد لا يكون كذلك بالنسبة للآخرين، ونحن أيضاً متفاوتون في استجاباتنا وردود أفعالنا، وهذا يعتمد على التركيبة الشخصية للفرد، مضيفاً: "من الثابت علمياً أن الأفراد أوقات الأزمات تظهر أعمق صفاتهم الشخصية إيجابية كانت أم سلبية، وحتى لا نكون مثاليين، فإنه يجب أن نذكر هنا أن كثيراً من صفاتنا موروثة وليست مكتسبة، وعلينا أن نتقبل أن ردة الفعل الأولى ومرحلة التأقلم ضرورية بل حتمية"، مشيراً إلى أن المطلوب هو أن يعمل الشخص على تنمية مهاراته الذاتية، وأن يبحث عن مصادر الدعم والطمأنينة في حياته، إلى جانب أن يتعلم مهارة التأمل وإعادة الترتيب، وأن يبحث عن الإيجابيات
حتى ينطلق من جديد.
طرق التعامل مع المواقف الصادمة:

توجد طريقتان في التعامل مع الصدمة لدى أغلب الناس، الطريقة الأولى: هي التركيز على المشكلة، بمعنى أن الشخص ينغمس في المشكلة عاطفياً، ويبدأ في الغضب والحزن والتذمر، إلى جانب طرح أسئلة كثيرة، مثل لماذا حدث لي ذلك؟، وما الذي فعلته لكي يحصل لي ما حصل؟، أو لم أفعل ذنباً لكي يحصل لي هذا الشيء!، لافتاً إلى أنه عادةً ما يلوم هذا الشخص أطرافاً خارجية عنه في كونها السبب لما حدث، فمثلاً يقول: أهلي السبب في عدم نجاحي؛ لأنهم لم يقدموا لي الدعم اللازم، أو يقول: لا توجد لدي واسطة للحصول على هذه الوظيفة، أو لم أُقبل بالجامعة بسبب الحظ، ولا يخطر في باله مثلاً أنه هو شخصياً قد يكون السبب في عدم تقدمه أو نجاحه بسبب عدم بذل الجهد اللازم، أو عدم إتباع الخطوات المطلوبة في حصوله على الوظيفة المناسبة وهكذا، مبيناً أن هذا النوع من الناس تكون ردة فعله الغضب والقلق النفسي والتوتر.
الطريقة الثانية: هي التعامل مع الصدمة عن طريق التركيز على الحل، مضيفاً أنه يوجد نوع من التفكير الذكي لدى الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة من أي نوع كانت، سواء كانت صدمة عاطفية أو مالية أو نفسية، على مستوى العمل أو العلاقات الاجتماعية وهذا النوع من التفكير هو تركيز التفكير في السؤال، كأن يقول: ما هو الخطأ الذي حدث؟، والذي تسبب في حصول ما حصل، بمعنى أن الشخص يتحمل المسؤولية الشخصية في ما حدث ولا يشير بأصابع الاتهام إلى أطراف خارجية، بل على العكس يتقبل ما حدث بهدوء، ويعيد التفكير في طريقه للخروج السريع من هذا المأزق، ويطبق المقولة الشهيرة التي تقول: "إرضَ بما قسم الله لك، تكن أسعد الناس"، هذا على المستوى النفسي فقط، مشيراً إلى أنه على المستوى العقلي تكون الفترة التي تلي الصدمة مرحلة يعتبرها "استراحة المحارب" التي لا تطول، ولكن يكرر المحاولة بطريقة جديدة يكون فيها جانب الخبرة والاستعداد، أهم الوسائل للنجاح في المحاولة الجديدة.

وقد يجد الشخص في بعض الأحيان أنه لا توجد فرصة في تغيير أو إعادة ما حصل، مثل وفاة إنسان عزيز، أو خسارة من أي نوع لا يمكن تعويضها، أو لا توجد طريقة في العودة إلى الوراء، في مثل هذه الظروف لا توجد طريقة أفضل من الرضا والقبول، وعدم إرهاق النفس بالحزن أو الندم، ولكن الرضا بقسمة الله وتذكر قوله تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئاً، وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".