الإخلال بالأمن والإستقرار النفسي بسبب الإصابة بإضطراب ثنائي القطب

الاسم: س.ع، 38سنة، سنه، متزوجه، جامعية، من محافظة صنعاء.

(س) امرأة متزوجة ولديها أبنه في العاشرة من العمر وأبن في السابعة وتسكن مع أولادها وزوجها في أحد أحياء العاصمة صنعاء. كان زوج (س) يعمل كمدرس بأحد المدارس الحكومية، ولكنه مع ضغوط الحرب وانقطاع الرواتب وتردى الأوضاع الاقتصادية اصيب باضطراب نفسي تم تشخيصه على أن لديه "اضطراب ثنائي القطب" فكانت حالته تتناوب من حاله انخفاض المزاج (الاكتئاب) الهدوء التام والحزن وانخفاض النشاط والانطواء الذي يصل إلى عدم التحدث مع أسرته لأيام قد تصل إلى أسبوعين، ثم ينقلب مزاجه فجأة إلى حالة (الهوس) من الابتهاج الشديد والنشاط والطاقة الزائدة وقلة النوم والاندفاع الواضح في الافكار والتصرفات. هذه الحالة للزوج أثرت على السكينة العامة للمنزل وقوضت الأمن والاستقرار النفسي للأسرة. وفي احد الليالي وبينما الفتاة نائمه في غرفتها إذا بالوالد يقوم بالاعتداء الجنسي على الطفلة دون اي وعي منه بما يقوم به حيث كان في (نوبة الهوس)، هذه الحادثة ضاعفت حالة الكدر والتوتر في المنزل، فمن ذلك اليوم اصيبت الفتاه بحالة ذعر وخوف شديد من كل المحيطين بها، مع عصبيه وعنف شديد تجاه اخوها الأصغر. كذلك أضطرب النوم لديها فإن استطاعت أن تنام تستيقظ بعد ساعه أو ساعتين وهي تصرخ وتبكي على إثر الكوابيس التي تعاني منها. كانت الفتاه تصاب بحالة تشنج ورجفه في اطرافها وتقوم بقضم اظافرها كل ما سمعت أو راءت والدها، وتقوم بالاختباء في حضن امها التي اصيبت هي الأخرى بانهيار تام، كانت مصدومة كليا مما حدث من الزوج تجاه ابنته، فأصبح تعاملها معه في قمة العصبية والغضب. كانت الأم حزينة وتبكي بشكل مستمر لم تعد قادره على القيام بأدوارها وبمهامها داخل المنزل وانطوت مع أبنتها التي لم تكن تتركها ولو للحظات، اصبح النوم لدى (س) متقطع وشبه معدوم وسيطرت عليها حالة القلق بشكل كبير. ظلت تلوم الزوج وتنهال عليه بعبارات الشتم واللعن مع علمها أنه مصاب بحاله نفسيه ويحتاج إلى علاج ورعاية نفسيه، ولكن قلة المال والظروف الصعبة لم تسمح لها بإدخاله مستشفى نفسي أو حتى أن تشتري الدواء له الدواء الذي تم وصفه له. لم يكن أمامها إلا تتضرع إلى الله بأن يفرج همها الذسلم يعد لديها القدرة على تحمله إضافة إلى أنها لا تستطيع اخبار اي شخص بما حدث لابنتها خوفا من العار، وفي ذات يوم سمعت احد المقربات لها تتحدث عن خط للاستشارات النفسية والاجتماعية وكيف أنها استفادت منه. في البداية لم تصدق أن أحداً يمكن أن يساعدها ولكنها قررت أن تتصل وتجرب، وبالفعل اتصلت بخط الاستشارة النفسية والاجتماعية وكانت منهارة وتبكي بحرقة. قامت الأخصائية بتهدئتها ومحاولة التخفيف من معاناتها والتعاطف معها، ثم بعد ذلك تطمينها بأنها ستكون بخير وأن كل مشكله. وعندما وجدت المختصة أن (س) تحتاج إلى علاج نفسي هي وإبنتها عرضت عليها أن تحضر إلى عيادة المؤسسة للحصول على مساعدة نفسية أفضل كما قامت بتطمينها بأنها عندما تعرض حالتها على المعالج سيتم علاجها مجانا.  

وبالفعل حضرت المسترشدة في اليوم التالي للمؤسسة وتم استقبالها وإحالتها على أحد المعالجات النفسيات.

قامت المعالجة بإجراء التقييم النفسي وفي ضؤه تمت صياغة قائمة المشكلات وتناولها في الجلسات اللاحقة والعمل المشترك على حلها بحسب الأولوية لدى المريضة والتي كان من أهمها:

 

  • مشكلة المرض النفسي للزوج وعدم المقدرة على توفير الدواء له والذي تم وصفه من طبيب في وقت سابق، حيث طلب منها إحضار زوجها من أجل إعادة تقييمه ومساعدته. وبالفعل تم حضر الزوج وتم عرضة على الطبيب النفسي بالمؤسسة من أجل إعادة تقييمه وتبين بالفعل بأن لديه حالة "اكتئاب ثنائي القطب" وأنه في أمس الحاجة على الدواء ولما كانت المؤسسة عاجزة عن توفير الدواء تم إحالته إلى أتحاد نساء اليمن والتواصل معهم لمساعدته وبالفعل تم توفير جرعة علاجية لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط. وباستخدام الزوج للدواء تحسنت حالته واستقرت بدرجه مناسبة بحيث خف الضغط على الزوجة والأطفال.
  • الحالة النفسية المضطربة ل (س) والتي تم تشخيصها بحالة اكتئاب تم إحالتها للطبيب النفسي الذي بدوره أعطاها علاج دوائي، لكي يساعدها في تحسين النوم وتحسين المزاج وتخفيف التوتر والعصبية. إلى جانب ذلك تم عمل برنامج علاجي (سلوكي معرفي) لها حيث تم تدريبها على أساليب تخفيف التوتر والقلق مثل الاسترخاء العضلي والتنفسي وممارسة المشي وبعض الرياضه، كما تم تعليمها كيفية التحكم بالأفكار السلبية، كذلك مساعدتها في العودة التدريجية للقيام بالأنشطة السلوكية والمهام المنزلية والأسرية التي أعتادت على القيام، كم تم تعليمها أسلوب حل المشكلات ومتابعة تطبيقه على مشكلات مشابهه في الجلسات العلاجية. ومن  خلال البرنامج العلاجي تحسنت حالة (س) النفسية بشكل واضح ساعد في ذلك مستواها التعليمي ودافعيتها للعلاج ورعاية أولادها خاصة بعد أن تحسن الزوج. وفي هذه المرحلة أصبحت مهيأة بشكل أكبر لمساعدة أبنتها في العلاج وتقديم الدعم المناسب لها والتي كانت قد بدأت تحضر جلسات علاجية عند مختصة أخرى.
  • مشكلة الطفلة وكيفية التخفيف عنها والتعامل معها حيث تم إجراء عدد من الجلسات العلاجية للطفلة وتم إقناع الأم بأهمية عرض الطفل على طبيبة للتأكد من وضع غشاء البكارة والذي كان السبب الرئيسي في قلق الأم . وبعد موافقة الأم تم إحالتها إلى طبيبة النساء التي تتعامل معها المؤسسة وجاءت نتائج الفحص في تقرير الطبيبة مفاجئ للأم حيث أكدت أنها مازالت عذراء وأن كل ما حدث كان تمزق خارجي، وهذا ما جعل الأم والطفلة (التي لم تكن تعي مايدور) في وضع أفضل. وتحسن النوم لدى الطفلة وخفت حالة الخوف لديها. بعدها تم إقناع الأم بأهمية أشراك الطفلة في أحد المساحات الأمنة والصديقة لكي تتمكن الطفلة من اللعب وتفريغ الأنفعال والتوتر وحاولت الأم إلحاق طفليها (البنت والولد) بهذه البرامج لكنها لم تستطيع المواصلة بسبب عدم قدرتها على تحمل أعباء المواصلات.  تحسن نومها وأصبحت بوضع نفسي جيد.

 

احتاج موضوع العلاج لهذه الأسرة ما يقرب على الخمسة أشهر في نهاية البرنامج وبعد أن تم التقييم عبر المقاييس النفسية المختلفة والتي أظهرت النتائج التحسن الملحوظ في حالتهم الثلاثة، تم ارشاد الام لأهمية التعرف على أعراض الانتكاسة عند الزوج وعمل خطة نجاه لحماية نفسها وأطفالها في حالة حدث ذلك. وأهمها أبعاد الأطفال عن البيت والاستعانة بأحد القريبات حتى يمتثل الأب للشفاء، وتم الاتفاق معها على أهمية الالتزام بخطة المتابعة لها ولزوجها ولطفلتها بالحضور إلى عيادة المؤسسة مره شهريا لمدة ثلاثة أشهر يتم إعادة التقييم في حينها .ثم اللجوء لخط الاستشارة النفسية 136 كلما احتاجت لذلك.