تعرض للقصف في الصالة الكبرى ويعيش في صراع بين الخوف والحياة

الاسم: إ.م،47سنة، متزوج، جامعي، يعمل في وظيفة حكومية، من محافظة صنعاء ويسكن في شارع الخمسين.

تعرض لحادث قصف القاعة الكبرى، وتعرض لجروح طفيفة، خرج خلال يوم من المستشفى الجمهوري الذي أسعف اليه بعد الحادث مباشرة، ورغم تجاوزه الجروح الجسدية بفترة قصيرة إلا أن جروحه النفسية لم يقدر على تحملها ولم يجد من ينظر اليها أو يعطيها أي أهمية، لذلك خلال أيام قليلة تطورت تلك المعاناة وأصبحت شغله الشاغل طوال اليوم، أصبح يعاني من آثار تلك الصدمة، من أفكار اقتحامية بين الفترة والأخرى، أصبح يخاف من إمكانيه تكرار ما حدث، مما نجم عنه تدهور كبير في جميع وظائفه (العلاقات الاجتماعية، العمل)، مزاجه معظم الوقت هابط ويعاني من حزن شديد وفقدان المتعة، متشائم بشكل كبير حول أمكانية اكمال حياته بشكل طبيعي أي على مستوى حياته المستقبلية، النوم مضطرب بسبب تأخره وبسبب الكوابيس التي لا تخرج عادة عن تعرضه لقصف مرة أخرى، لم تقتصر الاعراض على العميل فقط بل طالت (أولاده وزوجته) فقد أصبحت حياة الأسرة في قلق واضطراب كونه منعهم من الخروج من البيت وحتى من الدراسة خوفا أن يحدث لهم ما حدث له. تطورت بعض الاعراض لتصل لدرجة خوفه من أن يستهدف في منزله أو يستهدف أثناء خروجه لقضاء بعض المهام الضرورية.

حاول أن يفهم ما يحدث له من أعرض نفسية، ورغم فهمه البسيط عن ما يعانيه عن طريق النت، لكنه فشل في ضبط تلك الاعراض والسيطرة عليها، وأثناء زيارة أحد الأصدقاء له للبيت بعد توقفه عن العمل وعن الرد على أي شخص عبر الهاتف، نصحه ذلك الصديق بالتواصل بخدمة الخط الساخن المجاني(136) فتواصل بعد خروج ذلك الصديق من باب بيته، بدافع الاستطلاع لا غير، لكن حسب كلامه وجد فعلا أن المرشد الذي أجاب عنه كان على قدر كبير من الفهم والدراية بطبيعة ما يعاني في الوقت الحالي ومن هنا أحس بالأمل، وبعد أن قام المرشد بتثقيفه بطبيعة المشكلة وقام بعرض جميع الحلول لمشكلته وقام بدعمه، أتفق المرشد والعميل لإحالته للمؤسسة من أجل خضوعه لبرنامج علاجي متكامل من أجل إخراجه من تلك الاعرض الشديدة، ثاني يوم من الاتصال وصل للمؤسسة وتم استقباله من قبل الموظف الإداري، الذي بدوره قام بتسهيل كل إجراءات حصوله على الخدمات التي يحتاجها(علاج نفسي- طب نفسي- قياس نفسي) بعد ذلك تم تحويله لرئيس وحدة العيادات الذي تولى بدوره عمليه "التقييم والتشخيص والعلاج النفسي والمتابعة"، تم تقييم العميل بشكل دقيق بواسطة دراسة حالة متكاملة وعمل بعض الاختبارات "التقييمية والتشخيصية"، بعد ذلك تم وضع تشخيص مبدئي للعميل، حيث تم تشخيصه(بالاضطراب التالي للكرب)، كما تم وضع خطة علاجية كامله، كانت مكونه من (12) جلسة علاجية، وتم عرضه على الطبيب النفسي وحصل على بعض الادوية المضادة للقلق والاكتئاب- خلال البرنامج العلاجي - كعامل مساعد إلى جانب برنامج العلاج النفسي (السلوكي المعرفي)، بعد شهر ونصف من تنفيذ البرنامج العلاجي تحسن العميل بنسبة كبيرة جدا، حيث اختفت معظم الاعراض الشديدة والمزعجة، واستطاع المعالج كسر الدائرة المرضية التي لم يقدر على تجاوزها، رجع العميل لعمله بعد حصوله على تقرير نفسي للعمل الذي سهل تقدير مرضه ورجوعه لعمله، وتحسنت علاقاته الاجتماعية بشكل ملحوظ، وتحسن وضع اسرته تزامنا مع تحسنه، رجع أولاده للدراسة من جديد، وبدئوا يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، يخرجون بيت جدهم كالعادة كل جمعة، ويخرجون الحديقة والمطاعم بصحبته، وسمح لزوجته بالذهاب لحفلات الاعراس في قاعات بعد أن منعها قبل العلاج من خروجها الى أي صاله للأعراس أو مناسبة فيها تجمعات، لم يتبقى من تلك الاعراض سواء بعض الأعراض الخفيفة "كالنسيان بدرجة بسيطة، وبعض المخاوف البسيطة خاصة من أصوات الطائرات، أثناء البرنامج تم رفع وعي المريض بطبيعة الاضطراب (الضغط التالي للصدمة) وكذلك طبيعة الاعراض (الجسدية والسلوكية والذهنية والروحية) وذلك من خلال شرح التفسير المنطقي للمرض وتلك الاعرض (ما سبب المرض، وما نتج عن الصدمة، وما سبب زيادة الأعراض وتدهور وظائفه).

 أثناء البرنامج استطاع العميل على مواجهة الأفكار التي كان يتجنبها بواسطة (استراتيجية المواجهة) واستراتيجية (الاستشفاء بالكتابة الانفعالية) التي تهدف لتطهير انفعالات المريض المصاحبة للخبرة الصادمة من أجل تقبل الخبرة، كما تم عمل بعض جلسات العلاج السردي التي تهدف الى تقليل شدة الأعراض الانفعالية الناتجة عن الصدمة عبر مواجهة آمنة للأفكار والذكريات والأماكن والنشاطات والناس الذين يتم تجنبهم منذ وقوع الحدث الصادم، وبهدف ملئ الفراغات الناقصة في الذاكرة التي خزنت المعلومات بشكل ناقص. وتنشيط الذاكرة الساخنة من أجل تثبيت الحدث في الزمن، من أجل تخفيض الاحساس بالتهديد المباشر. كما تم تدريبة خلال البرنامج العلاجي على تقنيات الاسترخاء العضلي والتنفسي وتشتيت الانتباه كاستراتيجيات سلوكية ومعرفية للسيطرة على نوبات الهلع التي كانت تهجم عليه أثناء حدوث الخبرة الاسترجاعية السريعة (الفلاش باك) للخبرة الصادمة. كما تم تدريبة على فهم الأفكار والمعتقدات السلبية الناتجة من الخبرة الصادمة وطرق طريقة مراقبتها وتعديلها.

أثناء البرنامج قام العميل بزيارة الصالة التي تعرضت للقصف لعدد (5) مرات، بعد أن كانت كلمة صاله تجلب له الذعر والخوف ونوبات الذعر، وحضر اعراس في قاعات بعدد (6) مرات كان أول مرة بصحبة المعالج النفسي كجزء من البرنامج العلاجي(المواجهة بالغمر)، وزار عدد من الأشخاص الذي كانوا معه في القاعة ومازالوا في مستشفيات أو في البيوت ولديهم اعراض جسديه أو نفسية كجزء من تطبيق استراتيجية (المواجهة المتدرجة) وتحسين العلاقات الاجتماعية لديه بواسطة استراتيجية(التنشيط السلوكي)، وقد وفق العميل بتحويل حالتين للعيادة لتلقي العلاج النفسي والطبي، وقد تطوع خلال فترة العلاج بتوزيع برشورات تعريفية عن خدمه الخط الساخن والعيادات كنوع من رد الجميل للمؤسسة، ورغبة منه لمساعدة أي شخص بحاجة للخدمة بعد أن وجد جدوى العلاج النفسي.

العميل الأن وقف جميع الادوية النفسية التي قررت له من الطبيب بعد تخفيفها تدريجيا من الطبيب النفسي، وهو الآن بصحة نفسية جيدة، ومازال تحت المتابعة لمدة ثلاثة أشهر من أجل التأكد من عدم انتكاسته لا سمح الله وكجزء من البرنامج العلاجي، ويتم التواصل أسبوعيا بالمعالج للاطمئنان على صحته النفسية.


بتاريخ: 25/01/2017